الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
تقدم في التدبير وجه المناسبة، وهو على تقدير مضاف: أي أحكام الاستيلاد (قوله وخصه الفقهاء بالثاني) أي خصوا الاستيلاد بطلب الولد من الأمة: أي استلحاقه. قال في الدر المنتقى: فأم الولد جارية استولدها الرجل بملك اليمين أو النكاح أو بالشبهة ثم ملكها، فإذا استولدها بالزنا لا تصير أم ولد عندهم استحسانا، وتصير أم ولد قياسا كما قال زفر. ا هـ. لكن لو ملك الولد عتق عليه كما سيأتي في الفروع (قوله ولو سقطا) قال في البحر: أطلق في الولد فشمل الولد الحي والميت لأن الميت ولد بدليل أنه يتعلق به أحكام الولادة، حتى تنقضي به العدة وتصير به المرأة نفساء؛ وشمل السقط الذي استبان به بعض خلقه، وإن لم يستبن شيء لا تكون أم ولد وإن ادعاه. ا هـ. (قوله ولو مدبرة) فيجتمع لحريتها سببان: التدبير والاستيلاد وقوله في الباب السابق وبطل التدبير تقدم معناه (قوله من سيدها) أي المالك لها كلا أو بعضا، وشمل المسلم والكافر ذميا أو مرتدا أو مستأمنا كما في البدائع. قال في الدر المنتقى: وسواء كان مولاها حقيقة أو حكما، ليشمل ما إذا وطئ الأب جارية الابن ثم ولدت فادعاه (قوله ولو باستدخال إلخ) تعميم للولادة: أي سواء كانت بسبب الوطء أو بإدخالها منيه في فرجها (قوله بإقراره) أي بإقرار المولى بأن الولد منه منح، ومثله في الدرر، وقوله ولو حاملا: أي ولو كان إقراره حال كونها حاملا درر. قلت: فالباء في بإقراره بمعنى مع حال من الولادة المفهومة من ولدت، وقوله ولو حاملا حال من إقراره، والمراد منه إقراره بالولد كما علمت، فصار المعنى إذا ولدت من سيدها ولادة مقترنة بإقراره بالولد ولو كان إقراره بالولد في حال كونها حاملا لأن الإقرار وإن كان قبل الولادة يبقى حكمه فيقارن الولادة. ولا يخفى أن هذا المعنى صحيح، فلا حاجة إلى تطريق احتمالات لا تصح وردها فافهم. وأفاد أن المدار على الإقرار والدعوى سواء ثبت النسب معها أو لا، لما قالوا من أنه لو ادعى نسب ولد أمته التي زوجها من عبده فإن نسبه إنما يثبت من العبد لا من السيد وصارت أم ولد له لإقراره بثبوت النسب منه وإن لم يصدقه الشرع، وبه اندفع ما في الفتح من أنهم أخلوا بقيد ثبوت النسب كما حرره في النهر. قلت: لكن يرد عليه ما لو زنى بأمة غيره وادعى أن الولد منه فإنها لا تصير أم ولده إذا ملكها عندنا كما مر، لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب وسيأتي آخر الباب مزيد بيان (قوله كقوله حملها إلخ) قال في النهر: ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتراف؛ فإن وضعته لأكثر لا تصير أم ولد. وفي الزيلعي: لو اعترف بالحمل فجاءت به لستة أشهر من وقت الإقرار لزمه للتيقن بوجوده، ويوافقه ما في المحيط: لو أقر أن أمته حبلى منه ثم جاءت بولد لستة أشهر يثبت نسبه منه لأنها صادفت ولدا موجودا في البطن، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه النسب لأنا لم نتيقن بوجوده وقت الدعوى لاحتمال حدوثه بعدها، فلا تصح الدعوى بالشك ا هـ. (قوله وما في بطنها مني) لكن إن قال ما في بطنها من حمل أو ولد لم يقبل قوله إنها لم تكن حاملا وإنما كان ريحا ولو صدقته، وإن لم يقل وصدقته يقبل كما في البحر (قوله أما ديانة إلخ) قال في الفتح: فأما الديانة فالمروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه إن كان حين وطئها لم يعزل عنها وحصنها عن مظان ريبة الزنا يلزمه من قبل الله تعالى أن يدعيه بالإجماع، لأن الظاهر - والحالة هذه - كونه منه والعمل بالظاهر واجب، وإن كان عزل عنها حصنها أولا أو لم يعزل ولكن لم يحصنها فتركها تدخل وتخرج بلا رقيب مأمون جاز له أن ينفيه لأن هذا الظاهر وهو كونه منه يعارضه ظاهر آخر وهو كونه من غيره لوجود أحط الدليلين على ذلك وهما العزل أو عدم التحصين. (قوله كاستيلاد معتوه ومجنون) مقتضى التشبيه أنه يثبت بلا دعوة ديانة لا قضاء، والمتبادر من نظم الوهبانية أنه يثبت قضاء أيضا. وأصله ما في القنية عن نجم الأئمة البخاري: متى ولدت الجارية من مولاها صارت أم ولد له في نفس الأمر، وإنما تشترط دعوته للقضاء، ولهذا يصح استيلاد المعتوه والمجنون مع عدم الدعوة منهما. ا هـ. قال العلامة عبد البر بن الشحنة في شرح النظم: وعامة المصنفين لم يستثنوا هاتين الصورتين من القاعدة المقررة في المذهب أنه لا يثبت النسب في ولد الأمة الأول إلا بالدعوة. ا هـ. وظاهره أنه فهم أن المراد ثبوت الاستيلاد فيهما قضاء وإلا فلا حاجة إلى التنبيه، على أن عامتهم لم يستثنوهما، وهكذا فهم في البحر حيث قال: فهذا إن صح يستثنى وهو مشكل، فإن الاستثناء والإشكال في ثبوته قضاء لا في ثبوته ديانة كما لا يخفى وهكذا فهم في النهر أيضا حيث أجاب عن الإشكال بأنه يمكن أن تكون الدعوى من وليه كعرض الإسلام عليه بإسلام زوجته. ا هـ. واعترضه بعضهم بأن الفرق ظاهر إذ في دعوى الولي تحميل النسب على الغير. ثم لا يخفى أن المشكل الذي فيه الكلام هو ما إذا كان للمجنون أو المعتوه أمة يطؤها فولدت، أما إذا كانت له زوجة هي أمة للغير ولدت منه وثبت نسب الولد منه بحكم الفراش ثم ملكها فلا شبهة في أنها تصير أم ولد له قضاء بلا دعوى كالعاقل، فحمل كلام النظم والقنية عليه غير صحيح، بل هو محمول على ما قلنا فافهم، ولكن الحق أن ثبوته في القضاء مشكل إذ هو فرع العلم بالوطء وهذا عسير، فمجرد ولادتها في ملكه بدون دعوى صحيحة لا يثبت به الاستيلاد ولا النسب فلذا لم يستثنه عامة المصنفين من القاعدة المذكورة فالأقرب حمل كلام القنية على ما فهمه الشارح من ثبوته ديانة لا قضاء وإن خالف ما فهمه غيره. والمعنى أنها إذا ولدت له ثم أفاق وعلم أنه وطئها في حال جنونه وأن هذا الولد منه صارت أم ولد له في نفس الأمر، ووجب عليه ديانة أن يدعيه وأن لا يبيعها وإلا فلا، هذا ما ظهر لي تحريره، والله سبحانه أعلم. (قوله من زوج) خرج ما لو ولدت من زنا فملكها الزاني كما في البحر وسيأتي في الفروع (قوله ولو فاسدا) كنكاح بلا شهود (قوله كوطء بشبهة) تنظير لا تمثيل للفاسد لأن المراد به ما ليس بعقد أصلا، كما لو وطئها على ظن أنها زوجته (قوله فاشتراها الزوج) الأولى أن يزيد أو الواطئ ليشمل الشبهة (قوله أي ملكها) تعميم للشراء ليدخل فيه الملك بإرث أو هبة، وقوله كلا أو بعضا تعميم للضمير المفعول، وأفاد به عدم تجزؤ الاستيلاد. وفي الدر المنتقى: هل يتجزأ الاستيلاد؟ في التبيين نعم، وفي غيره لا إذا أمكن تكميله. ا هـ. وفي البدائع الاستيلاد لا يتجزأ عندهما كالتدبير، وعنده هو متجزئ إلا أنه قد يتكامل عند وجود سبب التكامل وشرطه وهو إمكان التكامل. وقيل لا يتجزأ عنده أيضا، لكن فيما يحتمل النقل فيه ويتجزأ فيما لا يحتمله كأمة بين اثنين ولدت فادعاه أحدهما صارت أم ولد له، وإن ادعياه جميعا صارت أم ولد لهما (قوله أو بعضا) بأن اشتراها هو وآخر فتصير أم ولد للزوج ويلزمه قيمة نصيب شريكه، وتمامه في البحر (قوله من حين الملك) أي لا من حين العلوق بحر (قوله فلو ملك ولدها من غيره) يعني الولد الحادث قبل ملكه إياها. قال في الفتح: وفي المبسوط: لو طلقها فتزوجت بآخر فولدت منه ثم اشترى الكل صارت أم ولد وعتق ولده وولدها من غيره يجوز بيعه خلافا لزفر، بخلاف الحادث في ملكه من غيره فإنه في حكم أمه. ا هـ. [تنبيه] استثنى في الفتح من قولهم: إن الحادث في ملكه من غيره حكمه كأمه ما إذا كان جارية فإنه لا يستمتع بها لأنه وطئ أمها. وزاد في البحر: ما لو سرى أم ولد الغير من رجل جاهلا بحالها فولدت له ثم استحقها مولاها فله على المشتري قيمة الولد للغرور، وكان ينبغي أن لا يلزمه شيء عند الإمام لأن ولد أم الولد لا مالية فيه كأمه إلا أنه ضمن عنده لأن عدم ماليته بعد ثبوت حكم أمية الولد فيه ولم يثبت لعلوقه حر الأصل فلذا يضمن بالقيمة هـ (قوله وكذا لو استولدها بملك) عطف على قوله أو ولدت من زوج: أي وكذا تكون أم ولد استولدها ثم استحقت أو لحقت ثم ملكها ا هـ. ح (قوله ثم استحقت) أي استحقها الغير، بأن أثبت أنها أمته. قال ح: وينبغي أن يكون ولدها حرا بالقيمة لأنه مغرور (قوله فإن عتق أم الولد يتكرر) يعني أن كونها أم ولد يتكرر وأطلق عليه العتق لأنه إعتاق مالا لحديث: «أعتقها ولدها ". وحاصله أن الاستحقاق أو اللحاق لا ينافي عودها أم ولد بتجدد الملك ولو بعد إعتاقها لأن سبب صيرورتها أم ولد قائم وهو ثبوت النسب منه فافهم، وما ذكره مأخوذ من الخانية، ونصها: عتق أم الولد يتكرر بتكرر الملك كعتق المحرم يتكرر بتكرر الملك، وتفسيره: أم الولد إذا أعتقها وارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت واشتراها المولى فإنها تعود أم ولد له، وكذا لو ملك ذات رحم محرم منه وعتقت عليه ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت فاشتراها عتقت عليه وكذا ثانيا وثالثا ا هـ. (قوله بخلاف المدبرة) أي فإنه إذا أعتقها ثم ارتدت وسبيت فملكها لا تصير مدبرة. والفرق أن عتق المدبرة وصل إليها بالإعتاق وبطل التدبير فلا يبقى عتقها معلقا بالموت، بخلاف الاستيلاد فإنه لا يبطل بالإعتاق والارتداد لقيام سببه وهو ثبوت نسب الولد بحر (قوله حكمها كالمدبرة) في كونها لا يمكن تمليكها بعوض ولا بدونه (قوله وقد مر) في قوله لا تباع المدبرة.مطلب في القضاء بجواز بيع أم الولد (قوله في ثلاثة عشر) قال في البيع الفاسد من البحر وفي فتح القدير هنا: اعلم أن أم الولد تخالف المدبر في ثلاثة عشر حكما: لا تضمن بالغصب وبالإعتاق والبيع، ولا تسعى لغريم، وتعتق من جميع المال، وإذا استولد أم ولد مشتركة لم يتملك نصيب شريكه، وقيمتها الثلث، ولا ينفذ القضاء بجواز بيعها، وعليها العدة بموت السيد أو إعتاق؛ ويثبت نسب ولده بلا دعوه، ولا يصح تدبيرها، ويصح استيلاد المدبرة ولا يملك الحربي بيع أم ولده ويملك بيع مدبره، ويصح استيلاد جارية ولده ولا يصح تدبيرها كذا في التنقيح ا هـ. ح وذكر منها هنا أربعة (قوله تعتق بموته) أي ولو حكما كلحاقه بدار الحرب مرتدا، وكذا المستأمن لو عاد إلى دار الحرب فاسترق وله أم ولد في دار الإسلام نهر (قوله من كل ماله) هذا إذا كان إقراره بالولد في الصحة أو المرض ومعها ولد أو كانت حبلى، فإن لم يكن شيء من ذلك عتقت من الثلث لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية، كذا في المحيط وغيره نهر وسيأتي في الفروع (قوله والمدبرة تسعى) أي إن لم تخرج من الثلث على ما مر تفصيله. مطلب في قضاء القاضي بخلاف مذهبه (قوله ولو قضى بجواز بيعها) أي قضى به حنفي مثلا على إحدى الروايتين عن الإمام من أن القاضي لو قضى بخلاف رأيه ينفذ قضاؤه: أي ما لم يقيده السلطان بمذهب خاص، أما على الرواية الأخرى وهو قولهما المرجح لا ينفذ مطلقا فيراد القاضي المقلد لداود الظاهري فإنه يقول بجواز بيعها، وله واقعة مع أبي سعيد البردعي شيخ الكرخي حكاها الزيلعي وغيره، وذكرها ج فراجعه (قوله لم ينفذ) هذا عند محمد وعليه الفتوى. وقالا: ينفذ، والخلاف مبني على خلاف في مسألة أصولية، هي أن الإجماع المتأخر هل يرفع الخلاف المتقدم؟ عندهما لا يرفع لما فيه من تضليل بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وعنده يرفع ح عن المنح. وذكر في التحرير أن الأظهر من الروايات أنه لا ينفذ عندهم جميعا ا هـ.: ومفاده ارتفاعه عندهم فيثبت الإجماع المتأخر لأنه حيث ارتفع الخلاف المتقدم لم يبق في المسألة قول آخر، فكان القضاء به قضاء بما لا قائل به فلا ينفذ لمخالفته الإجماع. قلت: لكن المقرر في كتاب القضاء كما سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى أن الحكم ثلاثة أنواع: منه ما لا يصح أصلا وإن نفذه ألف قاض، وهو ما خالف كتابا أو سنة مشهورة أو إجماعا، ومنه ما ثبت فيه الخلاف قبل الحكم ويرتفع بالحكم، حتى لو رفع إلى قاض آخر لا يراه أمضاه. ومنه ما ثبت فيه الخلاف بعد الحكم أي وقع الخلاف في صحة الحكم به، فهذا إن رفع إلى قاض آخر، فإن كان لا يراه أبطله، وإن كان يراه أمضاه، ومقتضى قوله بل يتوقف إلخ أنه من هذا النوع، ومقتضى كونه مخالفا للإجماع أنه من النوع الأول، وبه صرح الشارح في كتاب القضاء حيث قال عند قول المصنف أو إجماعا كحل المتعة لإجماع الصحابة على فساده وكبيع أم ولد على الأظهر، وقيل ينفذ على الأصح، فجعل عدم النفاذ مبنيا على مخالفته للإجماع، وعليه فلا يصح قوله بل يتوقف إلخ فتأمل. ثم رأيت في التحرير عزا قوله بل يتوقف إلى الجامع. ووجهه بأن الإجماع المسبوق بخلاف مختلف في كونه إجماعا ففيه شبهة كخبر الواحد فكذا في متعلقه وهو ذلك الحكم المجمع عليه، فكان القضاء به نافذا لأنه غير مخالف للإجماع القطعي. وقال شارحه: ثم الأظهر أن الخلاف في القضاء ببيع أم الولد في نفس القضاء كما في متعلقه الذي هو جواز البيع لا في نفس متعلقه فقط فيتجه ما في الجامع لأن قضاء الثاني هو الذي يقع في مجتهد فيه أعني الأول، فلذا قال في الكشف وهذا أوجه الأقاويل ا هـ. والله سبحانه أعلم. [فرع]
باع أم ولده والمشتري يعلم بها فولدت فادعاه فهو للبائع لأن له فراشا عليها، فإن نفاه ثبت من المشتري استحسانا وكذا لو لم يعلم المشتري إلا أن الولد يكون حرا لو نفاه البائع، ولو باع مدبرته ووطئها المشتري عالما بها فولدت منه ثبت منه ولم يعتق ورده مع أمه إلى البائع لأنه غير مغرور محيط (قوله وإن ولدت بعده) أي بعد الولد الذي ثبت منه باعترافه أو بنكاحه (قوله إذا لم تحرم) قيد لقوله بلا دعوى (قوله بنحو نكاح) أي من كل حرمة مزيلة للفراش، بخلاف الحرمة بالحيض والنفاس والصوم والإحرام، وأدخل بلفظ نحو الاشتراك فيها فلو ولدت المشتركة ولدا ثانيا لم يثبت بلا دعوى كما سيذكره قبيل قوله وهي أم ولدهما ويأتي بيانه، أو كانت الحرمة بسبب إرضاعها زوجته الصغيرة نهر. (قوله أو وطء ابنه) مصدر مضاف لفاعله، والمراد أن يطأها أحد أصوله أو فروعه (قوله أو المولى أمها) المراد أن يطأ المولى إحدى أصولها أو فروعها ح (قوله فحينئذ) أي فحين إذ حرمت عليه بأحد هذه الأشياء ا هـ. ح (قوله لأكثر من ستة أشهر) كذا في البحر عن البدائع. قال ح: والأولى لستة أشهر فأكثر كما لا يخفى (قوله لا يثبت إلا بدعوة) لأن الظاهر أنه ما وطئها بعد الحرمة فكانت حرمة الوطء كالنفي دلالة، فإن ادعاه يثبت لأن الحرمة لا تزيل الملك (قوله فلا يثبت) لأن الولد للفراش وهو الزوج (قوله ولو لأقل إلخ) قال في البحر بعد عزوه ما مر للبدائع: وظاهر تقييده بالأكثر من الستة أنها لو ولدته بعد عروض الحرمة لأقل من ستة أشهر فإنه يثبت نسبه بلا دعوة للتيقن بأن العلوق كان قبل عروضها، وقد ذكره في فتح القدير بحثا ا هـ. أي فقد وافق بحثه مفهوم الرواية فافهم، لكن ينبغي تقييد هذا بما إذا زوجها المولى غير عالم بالحمل لما في التوشيح وغيره فيه أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا ا هـ. ذكره في البحر وغيره في فصل محرمات النكاح وقدمناه في نكاح العبد والمدبرة والقنة كأم الولد بالأولى لأنه إذا كان نفيا فيما يثبت بالسكوت ففيما لا يثبت إلا بالدعوة أولى كما في النهر من المحرمات (قوله لندب استبرائها قبله) أي استبراء المولى إياها قبل النكاح وظاهره أن العلة في فساد النكاح ندب الاستبراء وأن ذلك مذكور في البحر، وليس كذلك بل العلة في فساده ظهور الحبل قبل تمام الستة أشهر كما تفيده عبارة البحر، حيث قال: وأفاد بالتزويج أنه لا يجب عليه الاستبراء. قالوا: هو مستحب كاستبراء البائع لاحتمال أنها حبلت منه فيكون النكاح فاسدا فكان تعريضا للفساد. ا هـ. ط. قلت: وقدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء قبل التزويج، وقوله لاحتمال إلخ يفيد أنه لو تحقق حبلها منه بأن ولدت لأقل من ستة أشهر يكون النكاح فاسدا سواء استبرأها أو لا، ويفيده عبارة كافي الحاكم حيث قال: ولا ينبغي له أن يزوج أم ولده حتى يستبرئها، فيعلم أنها ليست بحامل، فإن زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد. ا هـ. ووجهه أن الاستبراء علامة ظاهرة باعتبار الغالب وإلا فقد تكون حاملا، وما رأته من الدم استحاضة، والولادة لأقل من ستة أشهر من وقت التزويج دليل قطعي على كونها حاملا وقته، فلا تعارضه العلامة الظاهرة الغالبة. ولا يقال: إن تزويجها بعد الاستبراء يكون نفيا للولد فلا يثبت منه. لأنا نقول: إنما يكون نفيا له إذا علم بوجوده كما مر عن التوشيح، أما إذا زوجها على ظن عدم وجوده ثم علم أنه موجود فمن أين يكون نفيا لنسبه فافهم (قوله للأمة) فإنه لا يثبت إلا بالدعوة، وينتفي بلا لعان (قوله لأم الولد) يثبت بلا دعوة، وينتفي بلا لعان، ويملك نقل فراشها بالتزويج (قوله للمعتدة) أي معتدة البائن ح (قوله لعدم اللعان) لأن شرط اللعان قيام الزوجية، بأن تكون منكوحة أو معتدة رجعي كما تقدم في بابه ح (قوله إلا إذا قضى به) استثناء من قوله لكنه ينتفي بنفيه ط (قوله غير حنفي) أما الحنفي فليس له الحكم من غير صريح الدعوى بحر (قوله يرى ذلك) أي يرى صحة القضاء بأنه ولده بعد نفيه من غير دعوى (قوله كما مر في اللعان) حيث قال هناك نفي الولد الحي عند التهنئة ومدتها سبعة أيام عادة وعند ابتياع آلة الولادة صح، وبعده لا لإقراره به دلالة. ا هـ. (قوله لأنه دليل الرضا) عبارة البحر لأن التطاول دليل إقراره لوجود دليله من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح (قوله في هاتين الصورتين) زاد في الشرنبلالية ما لو أعتقها فإنه يثبت نسب ولدها إلى سنتين من يوم الإعتاق كما إذا مات ولا يمكن نفيه لأن فراشها تأكد بالحرية ا هـ. (قوله يعني الكافر) أي ليشمل الحربي المستأمن أما الذي في دار الحرب فلا يتمكن من عرض الإسلام عليه، فهو معلوم أنه غير مراد فافهم (قوله أو مدبرته) ذكره في البحر والنهر أيضا (قوله نظرا للجانبين) أي جانب أم الولد بدفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا وجانب الذمي ليصل إلى بدل ملكه. مطلب خصومة الذمي أشد من خصومة المسلم (قوله لأن خصومة الذمي إلخ) في الخانية من الغصب: مسلم غصب من ذمي مالا أو سرقه فإنه يعاقب عليه يوم القيامة لأنه أخذ مالا معصوما والذمي لا يرجى منه العفو، بخلاف المسلم فكانت خصومة الذمي أشد، وعند الخصومة لا يعطى ثواب طاعة المسلم للكافر لأنه ليس من أهل الثواب، ولا وجه لأن يوضع على المسلم وبال كفر الكافر فيبقى في خصومته، وعن هذا قالوا: إن خصومة الدابة تكون أشد من خصومة الآدمي على الآدمي. ا هـ. (قوله في ثلث قيمتها قنة) كذا قاله الأتقاني، بأن يقدر القاضي قيمتها فينجمها عليها فتصير مكاتبة، وهي وإن كانت عند الإمام غير متقومة إلا أن الذمي يعتقد في هذا تقومها أفاده في النهر ومثله في الفتح (قوله إذ لو ردت) أي إلى الرق لأعيدت مكاتبة لقيام الموجب ما لم يسلم مولاها عيني (قوله ولو مات قبل سعايتها ولها ولد إلخ) كذا في عامة النسخ، وفي بعضها: ولو مات قبل سعايتها عتقت بلا سعاية، ولو ماتت هي ولها ولد إلخ وهي الصواب لأن قوله ولها ولد إنما يناسب موتها هي لا موت سيدها، لكن يبقى قوله وإلا عتقت مجانا غير مرتبط بما قبله ولا معنى له فكان عليه أن يقول بعد تمام عبارة المصنف: ولو ماتت هي ومعها ولد ولدته في سعايتها سعى فيما عليها كما عبر به في شرحه على الملتقى (قوله فيسعى في ثلثي قيمته) أي قنا، وقيل في نصفها كما مر. (قوله وإلا أمر ببيعها) لأن البيع هنا ممكن، بخلاف أم الولد والمدبر (قوله ذكره مسكين) أي ذكر تقييد الجبر على البيع بعرض الإسلام عليه وإبائه كما في البحر (قوله ولو مع ابنه) في بعض النسخ: ولو مع أبيه بالموحدة ثم المثناة وهي الموافقة لقوله في الدر المنتقى ولو كان الشريك أباه. واعترضها ج بأنها غير صحيحة، واستدل لذلك بقول البحر: وشمل ما إذا كان المدعي منهما الأب، كما إذا كانت مشتركة بين الأب وابنه فادعاه الأب صح ولزمه نصف القيمة والعقر كالأجنبي، بخلاف ما إذا استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يجب العقر عندنا ا هـ. قلت: وفيه نظر ظاهر إذ لا مانع من دعوى الابن ولد الأمة المشتركة مع أبيه، نعم يقدم الأب إذا ادعاه معه كما يأتي ولا دعوى هنا إلا من واحد، وتخصيص صاحب البحر بكون المدعي الأب لبيان الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة أخرى وهي ما إذا ادعى ولد أمة ابنه حيث لا يجب عليه العقر لأنه إذا لم يكن للأب فيها ملك مست الحاجة إلى إثبات الملك فيها سابقا على الوطء نفيا له عن الزنا فلا عقر، وإذا كان له فيها ملك في شقص منها لم يكن زنا وانتفت الحاجة فيلزمه نصف العقر فافهم (قوله ثبت نسبه منه) لأن النسب إذا ثبت منه في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي، ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه وهو العلوق لا يتجزأ إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين درر. (قوله أو مكاتبا إلخ) في كافي الحاكم: وإذا كانت الجارية بين حر ومكاتب فولدت ولدا فادعاه المكاتب فإن الولد ولده والجارية أم ولد له، ويضمن نصف قيمتها يوم علقت منه ونصف عقرها، ولا يضمن من قيمة الولد شيئا، فإن ضمن ذلك ثم عجز كانت الجارية وولدها مملوكين لمولاه، وإن لم يضمنه ذلك ولم يخاصمه رجع نصف الجارية ونصف الولد للشريك الحر. ا هـ. (قوله لكنه إن عجز فله بيعها) قد علمت أنه إن عجز بعد الضمان صارت الجارية وولدها لمولاه، وإن عجز قبله رجع نصف الجارية والولد للشريك، وحينئذ فالضمير في له بيعها على الأول يرجع للمكاتب يعني بإذن مولاه أو للمولى، وعلى الثاني يرجع للشريك ويكون المراد في بيعها بيع حصته منها فافهم (قوله يوم العلوق) الأولى ذكره بعد قوله نصف قيمتها ونصف عقرها، فإن كلا من القيمة والعقر يعتبر يوم العلوق كما في الفتح وغيره (قوله نصف قيمتها) لأنه تملك نصيب صاحبه حين استكمل الاستيلاد درر (قوله ونصف عقرها) لأنه وطئ جارية مشتركة إذ ملكه يثبت بعد الوطء حكما للاستيلاد فيعقبه الملك في نصيب صاحبه درر، وقدمنا في أول باب المهر عن الفتح أن العقر هو مهر مثلها في الجمال: أي ما يرغب به في مثلها جمالا فقط (قوله ولو معسرا) لأنه ضمان تملك، بخلاف ضمان العتق كما تقرر في موضعه درر (قوله لأنه علق حر الأصل) إذ النسب يستند إلى وقت العلوق، والضمان يجب في ذلك الوقت فيحدث الولد على ملكه ولم يعلق منه شيء على ملك شريكه درر. [تنبيه] قيد المسألة في الفتح بقوله هذا إذا حملت على ملكهما، فلو اشترياها حاملا فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه ويضمن لشريكه نصف قيمة الولد لأنه لا يمكن استناد الاستيلاد إلى وقت العلوق لأنه لم يحصل في ملكها ولذا لا يجب عليه عقر لشريكه هنا، وتمامه فيه (قوله وإن ادعياه معا) قيد بالمعية لأنه لو سبق أحدهما بالدعوة فالسابق أولى كائنا من كان جوهرة، وكونهما اثنين غير قيد عنده، بل عند أبي يوسف، وعند محمد يثبت من ثلاثة لا غير وعند زفر من خمسة (قوله وقد استويا إلخ) أي بأن يكونا مالكين أجنبيين مسلمين أو حرين أو ذميين أو مجوسيين (قوله وقت الدعوة إلخ) فلو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا وقت العلوق ثم أسلم الذمي وقت الدعوة كانا متساويين وكان لهما كما ذكره في غاية البيان (قوله قدم من العلوق في ملكه) قال في الفتح: إذا حملت على ملك أحدهما رقبة فباع نصفها من آخر فولدت يعني لتمام ستة أشهر بيع النصف فادعياه يكون الأول أولى لكون العلوق في ملكه ا هـ. وكان المناسب أن يقول لأقل من ستة أشهر من بيع النصف، بدليل قوله لكن العلوق في ملكه وبدليل ما يأتي في مسألة النكاح. ا هـ. ح. وفي كافي الحاكم من باب دعوة الحمل: وإذا كانت الأمة بين رجلين فولدت ولدا فادعياه جميعا وقد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر والآخر منذ ستة أشهر قدم صاحب الملك الأول (قوله ولو بنكاح) قال في الفتح: إذا كان الحمل على ملك أحدهما نكاحا ثم اشتراها هو وآخر فولدت لأقل من ستة أشهر من الشراء فادعياه فهي أم ولد الزوج، فإن نصيبه صار أم ولد له، والاستيلاد لا يحتمل التجزؤ عندهما ولا بقاءه عنده فيثبت في نصيب شريكه أيضا ا هـ. ح (قوله وأب) معطوف على من في قوله قدم من العلوق في ملكه ط (قوله على ابن إلخ) لف على سبيل النشر المرتب ط (قوله ومرتد) كذا وقع في البحر وتبعه في النهر والشرنبلالية، وهو سبق قلم من صاحب البحر لمخالفته لما في كافي الحاكم وغاية البيان والفتح والزيلعي من تقديم المرتد على الذمي لأنه أقرب إلى الإسلام، أي لأنه يجبر على الإسلام فيكون الولد مسلما، وهذا أنفع له. ونقل ط عن أبي السعود التنبيه على أنه سبق قلم كما قلنا. ثم اعلم أن مقتضى تقديم أحدهما في هذه المسائل وهو من وجد معه المرجح أنه يصير حكمه حكم ما لو ادعاه أحد الشريكين فقط، لما سمعت من عبارة الفتح من أنها تصير أم ولد الزوج ويثبت النسب منه، وعليه فيضمن نصف قيمتها ونصف عقرها، هذا ما ظهر لي فاغتنمه فإني لم أر من صرح به. ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما نصه: وإذا كانت الجارية بين مسلم وذمي ومكاتب وعبد فادعوا جميعا ولدها فدعوة المسلم أولى وإن كان نصيبه أقل الأنصباء، وعليه ضمان حصة شركائه من قيمة الأم والعقر، وعلى كل واحد من الآخرين حصة شركائه من العقر لإقراره بالوطء إلا أن العبد يؤخذ به بعد العتق ا هـ. فهذا صريح فيما قلنا، ولله الحمد (قوله ثم لا يثبت إلخ) أقول: هذا راجع لأصل المسألة، وهو ما إذا ادعياه معا وقد استويا في الأوصاف وثبت نسبه منهما لا لصور الدعوى مع المرجح وإن أوهم كلامه تبعا للبحر والنهر خلافه، لما علمت من تقديم من معه الترجيح وأنها تصير أم ولده ويثبت النسب منه، وحيث صارت أم ولده وحده لم يبق له شريك فيها فلا يحرم وطؤها عليه. فإذا جاءت بولد ثان يثبت منه بلا دعوى؛ كما لو ادعاه أحد الشريكين فقط وقد نقل في البحر والنهر المسألة عن المجتبى. والذي في المجتبى دليل لما قلنا، فإنه قال في تعليل أصل المسألة ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه حتى لو وجد المرجح لا يثبت منهما، بأن كان أحدهما أبا الآخر أو كان مسلما والآخر ذميا ثبت من الأب والمسلم لوجود المرجح، ولما ثبت نسبه منهما صارت أمه أم ولد لهما ويقع عقرها قصاصا، ولو جاءت بآخر لم يثبت نسبه من واحد إلا بالدعوى لأن الوطء حرام فتعتبر الدعوى. ا هـ. فقوله ولما ثبت نسبه منهما راجع لأصل المسألة لا لمسألة المرجح، لقوله في مسألة المرجح لا يثبت منهما، فقوله ولو جاءت بآخر من فروع أصل المسألة أيضا كما هو ظاهر فافهم، واغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير (قوله كما مر) أي في قوله إذا لم تحرم عليه ح (قوله وهي أم ولدهما) فتخدم كلا منهما يوما وإذا مات أحدهما عتقت ولا ضمان للحي في تركة الميت لرضا كل منهما بعتقها بعد الموت، ولا تسعى للحي عند أبي حنيفة لعدم تقومها، وعلى قولهما تسعى في نصف قيمتها بحر (قوله إن حبلت في ملكهما) بأن ولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الشراء ح عن البحر (قوله لا) أي لا تكون أم ولد لهما لو اشترياها حبلى، بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فادعياه، وكذا لو اشترياها بعد الولادة ثم ادعياه بحر (قوله لأنها دعوة عتق) أي لا دعوة استيلاد فيعتق الولد مقتصرا على وقت الدعوة، بخلاف دعوى الاستيلاد فإن شرطها كون العلوق في الملك وتستند الحرية إلى وقت العلوق فيعلق حرا. ا هـ. فتح. وحاصله أن قول كل منهما هذا الولد ابني تحرير منهما، ولا تصير أمه أم ولد لهما، ولا يجب على كل واحد منهما العقر لصاحبه لعدم الوطء في ملكه كما في الزيلعي (قوله فولاؤه لهما) تفريع على كونها دعوة عتق من كل منهما فكأن كل واحد أعتق نصيبه منه فيكون ولاؤه له، لكن صرح الزيلعي وكذا في الدرر بثبوت النسب منهما، فحيث ثبت النسب فما فائدة الولاء تأمل، نعم تقدم أول العتق أنه إذا قال هذا ابني عتق مطلقا؛ وكذا يثبت نسبه إذا صلح ابنا له وكان مجهول النسب وإلا لم يثبت نسبه، وبه يحصل التوفيق تأمل. (قوله يضمن نصف قيمة الولد) أي لأنها دعوة إعتاق فيضمن حصة شريكه من الولد، بخلاف ما إذا حبلت في ملكهما فإنه لا يضمنه كما مر في قوله لا قيمة ولدها (قوله لا العقر) لعدم الوطء في ملك صاحبه (قوله وعلى كل نصف عقرها) لأن الوطء في المحل المحترم لا يخلو عن عقر أو عقر، وقد تعذر الأول للشبهة فتعين الثاني نهر (قوله وتقاصا) أي سقط ما على كل واحد منهما للآخر بما له على الآخر إن تساويا. قال في النهر: وفائدة إيجاب العقر مع هذا أنه لو أبرأ أحدهما صاحبه بقي حق الآخر، ولو قوم نصيب أحدهما بالدراهم والآخر بالذهب كان له أن يدفع الدراهم ويأخذ الذهب (قوله فيأخذ منه الزيادة) وكذا الغلة والكسب والخدمة نهر (قوله بخلاف البنوة) أي النسب (قوله والإرث) أي إرث الولد منهما (قوله والولاء) حق التعبير والولاية: أي ولاية الإنكاح فإنها تثبت لكل من المدعيين كملا، وكذا في المال عند أبي يوسف. قال في البحر عن وصايا الخانية: فإن كان لهذا الولد مال ورثه من أخ له من أمه أو وهب له لا ينفرد بالتصرف فيه أحد الأبوين عندهما، وعند أبي يوسف ينفرد. ا هـ. (قوله سوية) أي لا على قدر الحصص بل يستويان في ثبوته لكل منهما كملا (قوله لعدم تجزؤ النسب إلخ) قال الزيلعي: النسب وإن كان لا يتجزأ، لكن يتعلق به أحكام متجزئة كالميراث والنفقة والحضانة والتصرف في المال وأحكام غير متجزئة كالنسب وولاية الإنكاح، فما يقبل التجزئة يثبت بينهما على التجزئة، وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما على الكمال كأنه ليس معه غيره ا هـ. وتمامه في البحر (قوله إرث ابن كامل) لإقرار كل منهما أنه ابنه على الكمال نهر (قوله وورثا منه إرث أب واحد) لأن المستحق أحدهما فيقتسمان نصيبه لعدم الأولوية نهر. وإذا مات أحدهما كان كل الميراث للباقي منهما، ولا يكون نصفه للباقي ونصفه لورثة الميت كذا قالوا، ويلزم عليه أن تكون أمه أم ولد للباقي، فلا يعتق شيء منها بموت أحدهما حموي عن اليعقوبية. وأجاب السيد أبو السعود بأن عدم توريث ورثة الميت للمانع وهو حجبهم بأبوة الباقي لثبوتها له كملا، ولا مانع لعتق الأم بموته فظهر الفرق (قوله وكذا الحكم إلخ) أي أن قوله وإن ادعياه معا ليس بقيد، بل إذا كان الشركاء جماعة وادعوه يثبت نسبه منهم عند الإمام. وعند أبي يوسف يثبت النسب من اثنين فقط. وعند محمد من ثلاثة. وعند زفر من خمسة (قوله ولو نساء) أي لو تنازع فيه امرأتان قضى به أيضا بينهما عنده لا عندهما، ولو معهما رجل يقضي بينهم عنده؛ وللرجل فقط عندهما بحر (قوله عتقت بلا شيء) أي بلا سعاية، ولا ضمان لما مر من عدم تقومها عنده (قوله قلت إلخ) هو صاحب البحر وقال إنه نبه عليه في المجتبى. قلت: والذي في المجتبى قال أستاذنا: ظن بعض الناس أن قوله عتقت بالإجماع دليل على أن الإعتاق لا يتجزأ عند أبي حنيفة، وقد كشف السر فيه القاضي الصدر في غنى الفقهاء وشيخ الإسلام بأن الإعتاق يتجزأ عنده، لكن العتق لا يتجزأ فيسري إلى نصيب شريكه، وإنما أخر العتق فيما إذا أعتق بعض القن نظرا للساكن ليصل إلى حقه بالضمان، أو السعاية قبل بطلان ملكه، ولا كذلك هنا لأنه لا يجب لا الضمان ولا السعاية عنده، فلا فائدة في تأخير العتق فيه فيعتق في الحال ا هـ. ثم اعلم أن الكلام في تجزئ إعتاق أم الولد، وأما نفس الاستيلاد فإنه يتجزأ عنده كالتدبير كما قدمناه عن البدائع، وقوله لا في أم الولد يفيد أن الإعتاق يتجزأ في المدبر والمكاتب، وذكرت فيما علقته على البحر ما يدل عليه. وأما ما استدل به ط على ذلك فهو إنما يدل على تجزئ التدبير والكتابة لا على تجزؤ إعتاق المكاتب والمدبر فافهم. (قوله وخرج الكلامان منهما معها) أما لو تقدم أحدهما، فإن كان الدعوى فهو كذلك بالأولى وإن كان الإعتاق فالظاهر أنه أولى لكون المعتق قد أعتق نصيبه، فلشريكه الخيارات السابقة ومنها الإعتاق، وقوله إنه ابني إعتاق، ويثبت نسبه منه إن جهل نسبه، وكأنهم سكتوا عن بيان ذلك لظهوره (قوله فالدعوة أولى) ولو المدعى كافرا كما في كافي الحاكم (قوله لاستنادها للعلوق) أي لوقت العلوق، والإعتاق يقتصر على الحال فيكون المعتق معتقا ولد الغير ط عن المنح. (قوله كدعوته ولد جارية الأجنبي) يجامع عدم ملكه التصرف فيها، بخلاف ما لو ادعى ولد جارية ابنه لأن الأب يملك تملكه فلا يعتبر تصديق الابن بل يعتبر تصديق المكاتب والأجنبي لكن يأتي أنه يعتبر في الأجنبي تصديقه في الولد والإحلال إذ لو ادعاه من زنا لا يثبت نسبه (قوله أما ولد مكاتبته) أي لو ادعى ولد نفس مكاتبته لم يشترط تصديقها، وخيرت بين البقاء على كتابتها وأخذ عقرها وبين أن تعجز نفسها وتصير أم ولد، كذا في الهداية والدراية نهر (قوله كما سيجيء) أي في كتاب المكاتب ح (قوله ولزم المدعي العقر) لأنه وطء بغير نكاح ولا ملك يمين درر (قوله وقيمة الولد) لأنه في معنى المغرور حيث اعتمد ليلا، وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه فيكون حرا بالقيمة ثابت النسب منه، إلا أن القيمة هنا تعتبر يوم ولد وقيمة ولد المغرور يوم الخصومة بحر. والفرق في الفتح. (قوله لحجره على نفسه) أي لمنع السيد نفسه عن التصرف في كسب المكاتب بالعقد: أي بعقد الكتابة، فاشترط تصديقه إلا أنه لو ملك الولد يوما عتق عليه نهر (قوله ولدت منه إلخ) في كافي الحاكم: وإذا وطئ جارية رجل وقال أحلها لي والولد ولدي وصدقه المولى بأنه أحلها له وكذبه في الولد لم يثبت نسب الولد منه لأن الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين، فإن ملكه يوما ثبت نسبه منه، وإن ملك أمه كانت أم ولد له، وإن صدقه المولى بأن الولد منه فهو ابنه حين صدقه وهو عبد لمولاه. وكذلك الجواب في جارية الزوجة والأبوين إن ادعى أن مولاها أحلها له وأن الولد ولده، إلا أن الولد يعتق بالقرابة إذا ثبت نسبه. ا هـ. وظاهر قوله لأن الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين يفيد أن المراد به أن يقول أحللتها لك، ولعل وجه ثبوت النسب أن هذا القول صار شبهة عقد لأن حلها له لا يكون إلا بالنكاح أو بملك اليمين فكأنه قال ملكتك بضعها بأحد هذين السببين، وذلك وإن لم يصح لكنه يصير شبهة مؤثرة في نفي الحد وفي ثبوت النسب إذا صدقه السيد أو ملك الولد، لما مر من أنه إذا ملكها بعد ما ولدت منه بنكاح فاسد أو وطء بشبهة تصير أم ولد أي لثبوت النسب بذلك، هذا ما ظهر لي. وفي حدود الفتاوى الهندية عن المحيط: رجل أحل جاريته لغيره فوطئها ذلك الغير لا حد عليه. ا هـ. فهذا يؤيد ما مر من أن الإحلال قوله أحللتها لك بدون ملك ولا نكاح إذ لو كان بأحدهما لم يكن للتصريح بسقوط الحد وجه إذ لا معنى للقول بأن من وطئ زوجته أو أمته لا حد عليه فافهم (قوله وإلا لا) أي وإن لم يصدقه فيهما جميعا بأن كذبه فيهما جميعا أو في الإحلال فقط أو في الولد فقط لم يثبت نسبه، لكن الأخيرة مذكورة في المتن، والأولى مفهومة منها بالأولى فبقيت الثانية مقصودة بالتنبيه عليها لمخالفتها لظاهر كلام الزيلعي المذكور ولدفع المخالفة بينهما فافهم (قوله وقول الزيلعي إلخ) هذا الجواب للمصنف ح قوله فلا مخالفة) أي بين ما في الزيلعي وبين ما في الخانية والدرر من أنه لا يثبت النسب إلا إذا صدقه في الأمرين جميعا ومثل ما في الزيلعي ما قدمناه من عبارة الكافي (قوله أي المولى) أفاد أن إضافة تكذيب للضمير من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف: أي تكذيب المولى إياه (قوله ولو مكاتبه) أي ولو كان مولى الأمة مكاتب المدعي أفاد به ثبوت النسب بملك الولد في مسألة المكاتب المارة (قوله ثبت النسب) أي في الصورتين صورة ملكها وصورة ملكه، أما الثانية فظاهرة، وأما الأولى فقد تبع المصنف فيها الخانية والدرر. واستشكلها ح بأن المكذب لدعواه قبل أن يملكه موجود، بخلاف ما إذا ملكه فإنه حينئذ ارتفع المانع وزال المنازع، اللهم إلا أن يكون قولهما ملكها أي مع ولدها. ا هـ. قلت: لكنه خلاف ما فهمه الشارح حيث عطف بأو قوله أو ملكه فإنه ظاهر في أن المراد ملكها وحدها، ولعل وجهه أنه إذا ملكها وصارت أم ولده بحكم إقراره لزم ثبوت نسب الولد منه لأن أمومية الولد فرع ثبوت نسب الولد، فيثبت نسبه من المدعي ضرورة مع بقائه على ملك المولى، حتى إذا ملكه المدعي عتق عليه، وهذا إذا كان المراد بقوله بعد تكذيبه أي في الإحلال والولد. أما إذا كان المراد تكذيبه في الولد فقط مع تصديقه في الإحلال فالأمر أظهر لتصادقهما على أن وطأها كان حلالا له فتأمل. (قوله إذا ملكها) قيد به ليفيد أن قوله وتصير أم ولده راجع للصورة الأولى فقط، ولولا ذلك لتوهم أنه راجع للصورتين كما رجع إليهما قوله ثبت النسب وهو غير صحيح لأنه إذا ملك الولد ولم يملكها لا تصير أم ولد له ما لم يملكها، ولا يلزم من ملك الولد وثبوت نسبه أن تكون أمه أم ولد قبل أن يملكها كما لا يخفى، فعلم أن هذا القيد لا بد منه فافهم (قوله ولا نسب) أي لتمحضه زنا كما عللوا به في كتاب الحدود (قوله إلا أن يصدقه فيهما) مخالف لإطلاقهم في كتاب الحدود عدم ثبوت النسب وإن ادعاه، وتعليلهم بتمحض زنا يدل عليه فلا محل لهذا الاستثناء هنا ولم نجده لغيره، نعم محله في المسألة السابقة وضمير فيهما يعود إلى الإحلال والولد (قوله عتق عليه) أي ولم يثبت نسبه كما في الكافي فعلة العتق هنا الجزئية لا النسب كما يأتي لكن توقف عتقه على ملكه خاص بما إذا كانت الجارية لامرأته، بخلاف أبيه أو أمه لما في القنية: وطئ جارية أبيه فولدت منه سواء ادعى شبهة أو لا لم يجز بيع الولد لأنه ولد ولده فيعتق عليه وإن لم يثبت النسب ا هـ. أي يعتق على الأب للجزئية (قوله لعدم ثبوت النسب) لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب كما قدمناه. قال في الكافي: وقوله ظننتها تحل لي لم يكن شبهة في ذلك ا هـ. أي في ثبوت النسب، وإنما هو شبهة في سقوط الحد، بخلاف ما مر من دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما كما مر. والحاصل أن الوطء في دعوى الإحلال وطء شبهة، وبه يثبت النسب فثبت أمومية الولد، بخلاف الوطء مع ظن الحل فإنه زنا محض وإن سقط فيه الحد. وإذا كان ظن الحل غير معتبر في ثبوت النسب وتمحض الفعل معه زنا لا تثبت أمومية الولد إذا ملك الأم وإن كان أقر بالولد لأن الزنا لا يثبت فيه النسب وأمومية الولد فرع ثبوته. وفي الفتح عن الإيضاح: أمة جاءت بولد فادعاه أجنبي لا يثبت نسبه صدقه المولى أو كذبه، فإن ملكه المدعي عتق ولا تصير أمه أم ولد ا هـ. أي لأن عتقه للجزئية لا لثبوت النسب، ولذا قال عتق ولم يقل ثبت نسبه، وبهذا سقط ما أورد على تعليل الشارح أنه لما ادعى الولد فقد أقر له بالنسب ولأمه بأمومية الولد، فإذا ملك الأم زال المانع وهو كونها ملك الغير فينبغي أن تصير أم ولد وإن لم يثبت نسب الولد. ا هـ. لأنه إذا لم يثبت النسب لا تصير أم ولد فافهم. فإن قلت: قد تصير أم ولد مع عدم ثبوت النسب فيما لو زوج أمته من عبده ثم ولدت فادعاه. قلت: إنما صارت أم ولد للمولى لإقراره بأن الولد علق منه قبل التزويج بوطء حلال، لكن لم يثبت منه لوجود الفراش الصحيح فقد تعلق به حق الغير وهو الزوج، ولولاه لثبت من المولى فلم يثبت منه هنا لعارض والزنا لا يثبت منه الولد على كل حال، هذا ما ظهر لي (قوله لكنه نقل) أي المصنف، وقوله ثبت النسب أي فتصير أم ولده ضرورة ثبوت النسب مع زوال المانع وهو ملك الغير، فينافي قوله لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه. والجواب أن ما نقله المصنف عن الدرر والخانية ليس في هذه المسألة وهي قوله ظننت حلها لي بل في مسألة دعوى الإحلال. ونقل ح عبارتهما بتمامها، وقد علمت الفرق بين المسألتين، وأن ظن الحل شبهة في سقوط الحد لا في ثبوت النسب، بخلاف دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما، فالاستدراك في غير محله فافهم (قوله نعم في الخانية إلخ) يعني أن هذا الإشكال فيه لأن الزنا لا يثبت فيه النسب فلا تصير أم ولد وإن ملكها، لكن قد علمت أن الوطء في مسألة ظن الحل زنا أيضا (قوله لم تصر أم ولده) أي فله بيعها ط (قوله وإن ملك الولد عتق) لأنه جزؤه حقيقة (قوله ولو أخته لأبيه لا) والفرق أن الأخ ينسب إلى أخته لأبيه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة، أما بالنسبة إلى الأم فلا تنقطع فتكون الأخوة ثابتة من جهتها فيعتق بالملك كما في شروح الهداية، ولذا لو مات يرثه أخوه لأمه دون أخيه لأبيه. (قوله يملكها لطفله) فائدة ذلك وإن خرجت من ملكه أنه يخاف أنها إذا ولدت منه قد تتمرد عليه وتكدر عيشه، فإذا علمت أن له بيعها كلما أراد انقادت له، وإذا باعها ينفق ثمنها على طفله بدلا عما كان ينفقه عليه من ماله، وله أيضا إنفاقه على نفسه عند الاحتياج إليه، فظهر أن ببيعها لطفله ينتفع بلا ضرر يلحقه فافهم (قوله ثم يتزوجها) أي يزوجها لنفسه، وإذا ولدت منه ولدا يعتق على الطفل لكونه ملك أخاه. (قوله وإلا فمن الثلث) لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق في المرض وهو من الثلث كما قدمناه (قوله وما في يدها للمولى) لأنه كان ملكا له قبل أن تعتق بموته (قوله إلا إذا أوصى لها به) لأنها تعتق بموته فيكون وصية لحرة، بخلاف القن إذا أوصى له بشيء من ماله فلا يصح، إلا إذا أوصى له بثلث ماله أو برقبته فإنه يصح كما مر في باب التدبير (قوله أن يترك لها إلخ) ظاهر الإطلاق أنها تستحق ذلك لأنه يشمل ما إذا كان في الورثة صغار، ولو كان ذلك على وجه التبرع لم يصح تأمل وقد مر تفسير الملحفة والقميص والمقنعة في المتعة من باب المهر (قوله ولا شيء للمدبر) أي من الثياب وغيرها بحر عن المجتبى، ثم هل المدبرة كذلك؟ لم أره، ولينظر وجه الفرق بينه وبين أم الولد. وفي الخانية: رجل أعتق عبده وله مال فماله لمولاه إلا ثوبا يواري العبد أي ثوب شاء المولى. [تتمة] نقل ط في هذا الباب عن قاضي خان: سئل أبو بكر عن رجل مات وترك أم ولد هل يجب لها النفقة في ماله؟ قال: إن كان لها منه ولد فلها النفقة وإلا فلا نفقة لها. ا هـ. قلت: المراد أنها تجب نفقتها على ولدها ولو صغيرا كما قدمنا التصريح به في باب النفقة عن الذخيرة أي فتنفق من مال ولدها الذي ورثه لا من أصل مال الميت لأنه صار مال الورثة وهي أجنبية عنهم فافهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
|